فداء الزهراء المدير العام
الجنسية : لبنان الموقع : عند اقدام مولاتي عدد المساهمات : 87 نقاط العضو : 197 تاريخ التسجيل : 30/10/2009
| موضوع: بَسْمَتَان (( لفاطمة )) الجمعة فبراير 18, 2011 1:05 am | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
بَسْمَتَان
والأرض - ما استحقت من فاطمة غير بسمتين طافتا على ثغرها كما تطوف السخرية على فم حكيم امام كومة من الجهلة او شرذمة من الأفاكين -
البسمة الأولى تذوقها ثغر فاطمة والألم يعصر قلبها حول فراش أبيها يطوف حوله شبح الموت - وكانت بسمة فيها كل الغبطة وكل الرضى -
لقد شهدت لها بهذه البسمة عائشة -
شاهدت على وجه فاطمة دمعة ماسية تنزل هانئة كما تنزل قطرة ندى في ثغر زهرة - وقد تعجبت عائشة - من بسمة تسرح بحنان على محيا سيدة الوجود فاطمة الحزينة ، قبالة جسد ابيها تتجاذب اوصاله الحشرجة ، فالموت الذي يخيم بجناحيه على القاعة الواجمة ، ليس بمقدوره أن يستل غير الدموع والولولة ،
وما درت - إلا بعد حين - أن بسمة فاطمة كانت جواباً على وعد أسره الأب في اذن إبنته بأنها به ستكون أول اللاحقين .
تلك هي البسمة الأولى طرحتها فاطمة على وجهها ازاراً توارت خلفه بحور من المعاني : بحر من الإدراك - بحر من الحب - بحر من التفاني - بحر من الزهد - بحر من الهزء بالأرض وتراب الأرض - بحر من التفلت من القيود الدنيوية - بحر من التوق الى التملص والإنعتاق - بحر من الإيمان بأبيها - بحر من العنفوان - بحر من البطولات والتضحيات - وبحر من الألم والدموع والدم الزكي للمحسن الجنين - وبحور مما طالها من ظلم الأصحاب .
وكرت بعد هذه البسمة دموع فتحت فوق خديها المجاري - هي دموع الحنين لتحقيق ما وُعدت به من قرب اللقاء بأبيها - هي دموع التراب يغتسل بتكسر الموج على الشواطئ - هي دموع الأبطال يرفضون قيود الأسر - هي دموع المآسي تتجسم فوق أتربة الزمان القاسي .
وجاء دور ختام المآساة - تلك كانت بسمتها الثانية
- بسمتها الأخيرة التي حرمتني بعدها البسمات -
لقد جادت بها وهي تسجي نفسها فوق نعش تمكنت هي من الصعود إليه - لقد كان قبولها بالموت .. كقبول عروس بجلوتها يوم الزفاف - إغتسلت - طلبت أن تلبس ثوبها الجديد ، وألقت على جسدها الطاهر بساط الكفن - لقد تمت الجلوة الباهرة - كل شيء قد تم - الكلمة الأخيرة جاءت إلتماساً بأن لا يُكشف جسدها بعد موتها - لقد أنجزت بنفسها كل الواجبات - كعادتها نور قلبي - وأغمضت عينيها - ويا ليت عيوني اُغمضت قبل عينيها - وعلى ثغرها تطفو إبتسامة الرضى - روحي لهذه الإبتسامة الفداء .
وأصبحت الوديعة في حضرة صاحب الوديعة - أصبحت في حضن أبيها .
يا مولاتي يا زهراء أغيثيني
| |
|